الأمراض المنتقلة وراثيا

ثمة أمراض وراثية مأساوية كان من الممكن أن لا نراها في المجتمع لو توفر للأهل والمجتمع أيضاً حدا معين من الوعي والمعرفة والثقافة الصحية اللازمة وفي مقدمتها أمراض عاهة الصم والبكم‏
التي تتوالد في بعض المجتمعات التي ما زالت تعتبر زواج الأقارب إرثاً لا بد من التمسك به نتطرق هنا إلى التقرير الطبي الذي يعتبر وثيقة أساسية في كل معاملة زواج جديدة ولكن إلى أي مدى يمكن التعويل على هذا التقرير في نشر الوعي قبل الإقدام على الزواج وهل حصل في يوم ما أن كتب في هذا التقرير أن هناك مانعاً صحياً يحول دون هذا الزواج من خلال معاينة الواقع يمكن القول إن هذا التقرير وثيقة صورية لم تصل إلى الهدف المرجو منها حول ذلك التقت الثورة الدكتور عبد الناصر الشيخ علي اختصاصي أمراض الأطفال الذي سبق أن أجرى بحثاً حول ظاهرة الصم والبكم وأثر زواج الأقارب فيها ونال منه جائزة الباسل عام 2003 فقال: هناك مجموعة من الأمراض الخطرة كان من الممكن أن لا نواجهها وبشكل أكيد بإجراءات بسيطة وكلفة زهيدة ثمة عائلات أصيب عدد كبير من أفرادها أو جميعهم بالصم والبكم أو بالقزامة أو التلاسيميا ونعلم أن السبب الأساسي وراء ذلك هو زواج الأقارب وبخاصة أقارب الدرجة الأولى ,فالأمراض الوراثية الهاجعة تنطلق من سباتها لتنتقل إلى الأولاد,إن تقرير الزواج الذي ارتفع سعره الآن صوري وحبر على ورق فلماذا لا تتم الاستفادة منه وبإجراءات بسيطة لتفعيله? ترى لو قيل لهذين القريبين المقدمين على الزواج بأن أطفالكما مهددون بأمراض وإعاقات ألن يترددا أو يمتنعا ربما?! وقد تحدثت حول ذلك في مؤتمر نقابة الأطباء وما من فائدة لهذا التقرير سوى ما يعود من فائدة مادية على النقابة, وأتساءل هل حدث أن هناك تقريراً واحداً كتب فيه جملة: (أرى مانعاً صحياً من الزواج) لقد أنجزت نموذجاً جديداً لتقرير الزواج وأرسلته لنقابة الأطباء يضم عدداً من الإجراءات البسيطة مثل: اسم كله من الخطيبين اسم والديهما ووالدتيهما ودرجة القرابة بينهم جميعاً زمرة الدم, زمرة RH, الأمراض الوراثية في العائلة والأمراض المزمنة وغيرها.‏
إن عدداً هائلاً من حالات اليرقان وانحلال الدم ناجمة عن اختلاف الزمرة الدموية بين الزوجين وكان من الممكن بواسطة حقنة وقائية تجنب الكثير من تلك الحالات وبالتالي من المعاناة والألم والنفقات.‏
وفي نفس الإطار تحدث الدكتور محمد أبو الخير مدير صحة حمص للثورة قائلاً: في كل أنظمة الدول ومنها سورية ليس من سلطة للجهة الصحية أن تمنع زواجاً بل عليها النصح والإرشاد, ما شك بأن التعمق بفحص الشخصين المقدمين على الزواج هو أمر على غاية من الأهمية وثمة أمراض تنتقل وراثياً في مقدمتها التلاسيميا كمرض دموي ينشأ من زواج الأقارب من الدرجة الأولى وأمراض الصم والبكم وهناك مناطق في حمص وعائلات معروفة ونتحفظ على سرية إحصاءاتنا في هذا المجال وعندما تتم أرشفة هذه الحالات يتم تقديم النصح لهذه العائلات عند كتابة تقرير الزواج يعطي مؤيداً بوثائق بأن هناك احتمالاً بنسبة 1 من 8 أو 1 من 4 أو 1 من 2 أو كل الأولاد قد يصابون بمرض وراثي ويترك القرار للعائلة. تجري الآن اتصالات ودراسات على مستوى القطر و دراسات أخرى بين مديرية الصحة وفرع نقابة الأطباء في حمص على مستوى المحافظة لإجراء تحليل للخضاب للكشف عن مرض التلاسيميا ونحضر لندوة لأطباء هذه المناطق لإحصاء الأمراض وإبداء النصح عند كتابة تقرير الزواج.‏
ونحن جادون ونعتقد أن تناول مثل هذا الموضوع في الصحافة يساعدنا في نشر الوعي ويمهد الأرضية لتقبل أفضل,إن تقرير الزواج ورقة أساسية في معاملة الزواج في القانون السوري منذ عشرات السنين لكن التوجه المرضي له كان منذ سنتين في وزارة الصحة ومنذ سنة وثلاثة أشهر في مديرية صحة حمص وفرع النقابة