بسم الله الرحمن الرحيم
((الزانية والزاني فاجلدواكل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رافة فيدين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين)).
يقول الله عز وجل : أي فيما فرضته عليكم وشرعته لكم أن تجلدوا كلاً من الزانيين اذا كانا غير متزوجين مائة جلدة بالسوط عقوبة لهما على جريمتهما الشنيعة ولا تأخذكم بهما شئ من الرقه أو الرحمة في شرع الله ان كنتم تصدقون بالله وباليوم الاخر فإن جريمة الزنى أعظم وأكبر من أن تستدر الرحمة أو تدعو إلى الشفقة عليهما والحنان وليحضر عقوبتهما عدد كبير وجمع غفير من المؤمنين ليكون ذلك زاجراً لكل فاسق وفاجر، فإن الفضيحة والتشهير بالمجرم قد تكون أشد ألماً من وقع السياط عليه.
((الزاني لا ينكح إلا زانيةأو مشركةوالزانية لا ينكحها إلا زانأومشرك وحرم ذلك على المؤمنين)).
أراد بعض الفقراء أن يتزوجوا بالموسرات من البغايا الزانيات، فأستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فنزلت الآية تنفر من الزواج من الزانيات، وتبين أن هذا ليس من أوصاف أهل الإيمان إنما هو خصائص المشركين والفساق.
والمعني : الزاني من الرجال لا يرغب إلا بزانية خبيثة فاجره مثله أو مشركة أخس منها.
والزانية من النساء لا يليق أن ينكحها إلا زانِ فاجر أو أخس منه وهو المشرك.
وحرم الزنى على المؤمنين فلا تقربوه وليس المراد من الآية أنه لا يجوز للزاني أن يتزوج إلا بزانية أو مشركة وأن الزانية لا يجوز أن يتزوجها إلا زاني أو مشرك وإنما الآية وردت مورد التنفير من الزنى وتقبيح شأنه بتصوير أنه من القباحة والشناعة بحيث أنه لا يصدر إلا من فاسق أو مشرك أو فاسقة مشركة وأن الخبيث لا يليق به إلا الخبيثة .
ولهذا قال أبن عباس: (( هذا لا يراد به النكاح وانما هو الجماع أي لا يزني بالفاجرة إلا زانِ أو مشرك)) وهو من أوصاف المشركين الفجار الذين يعيشون كالبهائم والدواب للمتعة والشهوة والبهيمة ، ولا يبالون بالعفة وطهارة النفس .
فإن قيل : لماذا بدأ الله في الزنى من بالمرأة ( الزانية والزاني ) وفي السرقة بالرجل ( السارق والسارقة) ؟
والجواب ان الزنى في المرأة أقبح والعار عليها أفظع وأشنع لما تجره من الفضيحة للأسرة والعشيرة فجرمها أكبر فلذلك بدأ بها . أما السرقة فالرجل عليها أجرأ وهو عليها أقدر ولذلك بدأ به ، فتدبروا أسرار القرآن ولطائفه البديعة .