إنَّ الحمد لله نحمدُه ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مُضِــلَّ له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا .
وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك لك وأشهـــد أنَّ محمد عبده ورسوله أمــــــا بعد :
إنَّ الواقع الذي نعيشه اليوم لا يخفى على ذي بصر ولا يغيب على ذي نظر ، هذا الواقع الصعب الذي نعيشه والذي يمر على أمة الإسلام قد ترك كثير من الناس ـ خاصة الشباب ـ في حيرة شديدة من أمرهم وذلك لكثرة الفرق والأحزاب والجماعات التي تكاثرت في ميدان الدعوة .
هذه الخلافات الموجودة في السَّاحــة الإسلامية اليوم تركت آثارا واضحــــة الخُطورة فكانت بمثابة الداء العُــضال الذي ينخر في جسد الأمــة حتى تركها طريحة لاتقوى على الحراك ، وظلَّت تئنُّ من ألم الجراحات التي أصابتْها ليس من أعدائها فقط بل ومن أبنائها وبني جلدتها الذين يدينون بدينها ويلبسون لباسها ويتكلمون بلغتها .
فكيف يستقيم حال الأمـــة وهي بين عدو من الخارج يتربَّصُ بها الدوائر ويكيد لها المكيدة بعد الأخرى ليستولي على خيراتها ويستنفذ طاقاتها لصالحه ،
وبين عدو من الداخل متستِّر عن العيان رويبضة فتَّان يـُـكثر من الهذيان يحسبه الجهال علم وبيان ، وهو كاذب مبتور حاله مستور لا يعرف الفتور على مرِّ العصور ، تراه يعالج القضايا الكبيرة ونفسه مازالت صغيرة ، فأحدث فتنا كثيرة ، تركت آثارا خطيرة .
لا تظنُّوا إخواني أنَّ هذا طعنٌ أو سبُّ إنَّما هو واقع مر نعيشه ويعيشه كل مسلم ، ألــم تسمعوا وتقرؤوا قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبين حال هذا العدو الداخلي إن صح التعبير ، الذي هو في الواقع أشدُّ خطرا من العدو الخارجي ، لأنَّ هذا الأخير يعرفه كل الناس فيكونون منه على إحتراس ، أما الداخلي لا يعرفه إلا العلماء فيكون خطره أشد.
قال : (( إنَّها تكون سنين خدَّاعات يُصدَّقُ فيهَا الْـكَـاذِبُ ويُـكَـذَبُ فيهَا الصَّــادِقُ ويُؤتَمنُ فيها الْـخَـائِنُ ويُـخَوَّنُ فيهَا الأمِيــن ويَــنْــطِــقُ فيهَا الرُوَيـْبضَـــــة )) قِيل وما الرويبضة يا رسول الله قال: (( الـمَــرءُ التَّافِهُ يتَكَــلَّــمُ في أمْــــر الـــعَـــامَّـــــة )).
إذن إذا كان هذا هو حال أمةِ الإسلام الذي عبَّرنا عنه بهذا الكلام فما هو المَخــرجُ لها من هذه الطــــوَام وما هو السبيل لتعرف العدو الداخلي فتقسمه في ظهره وتدفع العدو الخارجي
وتضربه في نحره حتى تعيد عِزَّها المفقود الذي ضيعته منذ ع*** .
هذا ما سنعرفه إن شاء الله في المساهمات القادمة التي سنعرف عواصم الأمة من هذه الشرور والفتن .