لمحة تاريخية عن إنشاء واحة بني يزقن
كان إنشاء البساتين بالعفوية التامة بطريقة طبيعية و حسب الحاجة و خاصة مع وجود عدد قليل من السكان و مساحات شاسعة نسبيا.
رغم العفوية الموجودة آنذاك إلا أن العمل في إنشاء الجنات كان يقوم على قواعد أو قوانين عرفية مضبوطة يعمل الناس إلى وقتنا الحاضر على اتباعها و احترامها ، وحتى القضاء يتدخل حين وقوع مخالفات أو خروج عن هذه القوانين. يعتمد على بعض مراجع للإباضية في استنباط و تطبيق هذه القوانين بالمنهجية العلمية. أول كتاب معروف في الموضوع هو : "القسمة و أصول الأراضين" للشيخ أحمد بن محمد بن بكر ابن مؤسس نظام حلقة العزابة. كتاب محقق من طرف الشيخ بالحاج بكير و هذا الكتاب ("القسمة و أصول الأراضين") لخصه و قام بإضافات جديدة فيه الشيخ عبد العزيز الثميني (القرن الثالث عشر الهجري) و هذا حسب القوانين العرفية المتواجدة آنذاك في بني يزقن. بما أن الكتاب الأول تم تأليفه بواد ريغ في القرن السادس الهجري و قد سمَّى الشيخ عبد العزيز كتابه تكميل لما أخل به كتاب النيل.
فيما يخص المؤلفات الفقهية و خاصة العمانية نجد موضوع العمارات و إنشاء الجنات ضمن الأبواب المختلفة للكتاب خاصة النخلة و ما يتعلق بها من حقوق و حريم و غير ذلك.
كما كانت العفوية في إنشاء الجنات ، نجد أيضا تقسيم المياه المطرية كان يقوم عل نفس الشكل. ففي كل منطقة أو ناحية من الواحة حين تعمر بالسكان يقوم أهلها بتصويب المياه و إنشاء السدود الصغيرة لاستغلال المياه و اتقاء مخاطرها حينما تكون بغزارة.
تقسيم مياه الأمطار
في بداية الأمر ، عند إنشاء القصور ، كان استغلال مياه الأمطار عفويا و حسب حاجة المواطنين.
بعد اتساع الواحة و العمران ، و بما أن مياه الأمطار ذات فوائد معتبرة ازداد الناس اهتماما بتوجيه المياه بإنصاف بين الجنات. وتدريجيا توصلنا إلى التقسيم الموجود حاليا.
بما أن العزابة هم الهيئة العليا في ميزاب ، أسندوا مسؤولية تسيير مرافق توزيع المياه (السواقي ، السدود ، الآبار ...) لأعيان وأمناء البلدة.
نظام تسيير المرافق
في كل ناحية و لكل ساقية ، يتم تعيين ثلاثة أمناء (أمين من كل من الأعراش الثلاثة الموجودة في البلدة) من طرف العزابة. يشترط في الأمناء أن يكونوا من الناحية ، ذوي خبرة في الفلاحة و متطلعين على القوانين العرفية في الميدان الفلاحي. تسند إليهم مهمة مراقبة الساقية ، تنظيفها و متابعة مياه الغدير و توجيهها لتفادي انسداد الساقية أو وقوع خسائر بها. كما أن الأعيان يقومون بمساعدة الأمناء في تأدية مهامهم.
نظام تقسيم المياه في بني يزقن
عندما يصل الوادي إلى أعالي الواحة ، يتعرض له سد صغير و الذي هو عبارة عن صف مكون من حجرة بعد حجرة مغطى بمادة الجير و التراب. فيتجه نصيب منه إلى ساقية تَغَرْبِيتْ و التي تنتهي بجنة بوقفة. هذه الساقية الأساسية في بني يزقن تسقي تقريبا نصف الأجنة المثمرة. فبعد امتلاء البساتين فإن المياه تعود الى الآبار المنتشرة في وسط البساتين. كما أن ساقية تَغَرْبِيتْ تصب في بئر خاص بها و الذي يُمَوِّنُُ الطبقة الجوفية السطحية لواحة بني يزقن .ينعدم إلى حد الآن وجود أي وثائق تاريخية أو معلومات عن هذا البئر.
الساقية الثانية هي بُوشَمْجَانْ (كلمة بربرية معناها صاحب العبيد) التي تقتسم الماء مع تَغَرْبِيتْ و تأخذ نصيبها كذلك من ساقية إنْغِيدْ فهذه الساقية تنتهي في بستان داديك عمر بجنات ناحية بُوشَمْجَانْ.
عند امتلاء تَغَرْبِيتْ فالمياه تصب في ساقية إيغُولادْ. و الماء الفائض من ساقية إيغُولادْ و السد الأول للوادي يوجهه سد عْمَارَه وْ دَحْمَانْ إلى الساقية الوسطى (الـمُعبَّرُ عليها بالميزابية : تَرْجَ اُوَمََّّاسْ). و بالساقية الوسطى ينتهي تقسيم المياه الرئيسي لوادي انتيسة و ما زاد على ذلك ينزل مع الوادي إلى السد الكبير (أحباس أزعلوك، ). هذا هو التقسيم الأكبر.
أما التقسيم الثاني فيكون باسم إنْغِيدْ الذي ينفصل إلى إنْغِيدْ الغربي و إنْغِيدْ الشرقي. هذا الأخير يسقي أجنة ناحية إنْغِيدْ بأكملها. أما الغربي يتجه مباشرة الى بُوشَمْجَانْ.
فكل من السواقي ، تَغَرْبِيتْ ، بُوشَمْجَانْ و إيغُولادْ تبدأ من تَزُونِي اُوَمَانْ (الـمُعبَّرُ عليها بالعربية : تقسيم المياه) للوادي أما إنْغِيدْ فمصدره على حدة ليس من مجرى الوادي.
استغلال مياه الآبار
يستعين المزارعون قديما لإخراج الماء من الآبار ، التي يصل عمقها إلى 35 متر تقريبا ، بواسطة الحيوانات (الجمل ، البغال و الحمير) أو ظهر الإنسان. و تفاديا لوقوع خصام بين الشركاء في البئر الواحد حين الجفاف و نقص الماء ، جعل نظام لاستغلال هذه الآبار. قسم كل بئر إلى 24 ساعة و كل ساعة عبر عنها بِتَخَرُّوبْتْ. و تخروبت قُسمت إلى 24 مَيزُونَة.
يستخرج الماء بواسطة الدواب مثل ما هو على الشكل 1. و أما في الوقت الحالي فالمضخات الكهربائية و غيرها عوضت الدواب. و بعد جمع هذا الماء في الحوض الكبير يمر بواسطة ساقيةٍ إلى أحواض الشجر