الامام الشافعي و العلم:
كثيرة هي المواعظ التي قالها الشافعي بشأن العلم, بل لعل معظم مواعظه كانت في هذا الميدان.
فضيلة العلم لا تعدلها فضيلة.
اذا رأيت رجلا من أصحاب الحديث, فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, جزاهم الله خيرا, هم حفظوا لنا الأصل فلهم علينا الفضل.
والفقه سيّد العلم, اذ به يفهم الحديث.
وكتابة العلم أمر مهم, اذ بها تحفظ النصوص, وتصان من العبث, وهذا ما أشار اليه الشافعي بقوله: لولا المحابر, لخطبت الزندقة على المنابر.
وغاية العلم العمل به. فالعلم ما نفع, وليس العلم ما حفظ.
وللعلم آداب بعضها مرتبط بالعالم وبعضها مرتبط بالمتعلّم.
وفي مقدمو ما يطلب من العالم الذي يعلم الناس: اصلاح نفسه, فان أعين الناس معقودة به, تنظر الى عمله أكثر مما تنظر الى قوله.
وعليه أن يكون مخلصا في عمله يبتغي الدار الآخرة.
ولا عيب بالعلماء أقبح من رغبتهم فيما زهدهم الله فيه.
واذا كانت هذه بعض آداب العالم, فآداب المتعلم أكثر, وفي مقدمتها أدبه مع معلمه.
ويضرب لنا الامام الشافعي مثلا من سلوكه في حضرة استاذه الامام مالك رحمه الله فقول:
كنت أتصفح الورق بين يدي مالك برفق, لئلا يسمع وقعها.
ومما يضيع العالم ويذهب بمكانته الا يكون له اخوان.
بل ويرى الامام الشافعي أنه ينبغي للفقيه أن يكون معه سفيه يدافع عنه عند الحاجة فيقول:
ينبغي للفقيه أن يكون سفيه ليسافه عنه.
وهو حرسص على تبليغ العلم ونشره. فقد قال للربيع: لو قدرت أن أطعمك العلم لأطعمتك.
وقال: وددت أن الخلق يتعلمون هذا العلم, ولا ينسب شيء اليّ منه.
وهكذا فالامام حريص على نشر العلم, حريص على شخصية العالم, حريص على تأدّب المتعلم..