الأساطير المصرية القديمة
تعتبر الأساطير المصرية من أهم جوانب العقيدة المصرية القديمة لأنها تعكس فكر وعقيدة المصري القديم.
كانت حياة الآلهة وتصرفاتهم مادة خصبة للكهنة لتغزل حولها حكايات وأساطير كثيرة وقد أصبحت تلك الأساطير بعد ذلك معقدة للغاية كما أصبحت عماد من عمائد الديانة المصرية وسنذكر فيما يلي أهم الأساطير التي آثرت في فكر وعقيدة المصري القديم.
أسطورة الخلق والنشأة:
كعادة الإنسان القديم كانت أهم الأشياء التي شغلت فكر المصري القديم هي أصل الخلق ،لذا ظهرت العديد من الأساطير حول بداية الآلهة والكون وقد كانت هناك ثلاث أساطير حول الخلق والنشأة تبعا لثلاث نظريات مختلفة الأولي تنسب لمدينة هليوبوليس والثانية لهرموبوليس والثالثة لمنف ولكن في النهاية تغلبت أسطورة هليوبوليس بعد أن مزجت ببعض الآراء الصغيرة من نظريات هرموبوليس ومنف ،لكننا سوف نلخص الثلاث أساطير كما يلي:-
الأسطورة الأولي هي أسطورة هليوبولس التي تتلخص في أن الكون قد نشأ من ماء غير مشكل يسمى نون انبثق منه الإله آتوم الذي ظهر فوق ربوة تسمى الربوة الاولى أو ربوة الخلق -والإله آتوم يساوي الإله رع- ثم قام الإله آتوم بإيجاد التوءمين "شو " إله الهواء و "تفنوت" ربة الرطوبة وهما الذان أوجدوا بدورهما الإله "جب" إله الأرض والربة "نوت" ربة السماء ثم نتج عنهما "اوزوريس وايزيس وست ونفتيس" ،وقد كونت الآلهة التسعة ما يسمي بالتاسوع الإلهي (أي مجمع الآلهة التسعة) ويعتبر هذا التاسوع كياناً إلهيا واحداً وقد اشتق من هذا النظام نظرية كونية وهي تصوير الكون على هيئة ثالوث تكون من شو إله الهواء وهو واقف ساندا بيديه الجسد الممدد لربة السماء نوت ويرقد الإله جب عند قدميه.
أما النظرية الثانية التي نشأت في هرموبوليس تقول أن المادة الغير مشكلة كانت موجودة قبل نشاة الكون وقدكانت لها أربع صفات تضاهي ثمانية من اللآلهة في أزواج وهم :
"نون ونونيت" إله وربة الماء الأزلي (الماء الأول).
"حوج وحوحيت" إله وربة الفراغ (الفضاء).
"كوك وكوكيت" إله وربة الظلام.
"آمون وآمونيت " إله وربة الخفاء.
وقبل نشأة الأرض كانت تعتبر هذه الآلهة مجرد صفات للمادة الغير مشكلة (تمثيل) وقد كونت هذه الآلهة ثامون هرموبوليس (مجمع الآلهة الثمانية) كما ظهرت أيضا من المادة الغير مشكلة الربوة الأزلية (الأولى) في هرموبوليس وعلى تلك الربوة كانت هناك بيضة وهي التي خرج منها إله الشمس ثم أخذ إله الشمس في تنظيم العالم.
أما النظرية الثالثة التي ظهرت في منف -بعد أن أصبحت عاصمة مصر- حاولوا فيها تمجيد الإله "بتاح" إله منف فجعلوه في أسطورة نشاة الكون الإله الخالق الأكبر ولكن جعلوه يحتوي على 8 آلهة أخرى بعضها من التاسوع الهليوبوليسي والباقي من الثامون الهرموبوليسي .
وقد احتل آتوم مكانة خاصة في هذه النظرية وأدخل الثنائي "نون وتوبيت" في المجموعة كما أدخل فيها تاتن (أحد آلهة منف) والذي يعتبر تجسيد للإله الذي برزت منه المادة الأزلية الأولى ثم اضيفت أربعة آلهة أخرى غير محددة بدقة.
وحسب النظرية فإن الإله آتوم يحمل صفات النشاط والحيوية للإله بتاح وهي الصفات التي عن طريقها تحقق الخلق ، أما صفات الفطنة (الفكرة) والقلب ويجسدها الإله حورس ثم الإرادة واللسان ويجسدها الإله تحوت ويقال أن الإله بتاح قد كون العالم في صورة عقلية قبل أن يخلقه بالكلمة (كن فيكون).
ملحوظة: سنجد في بعض الأساطير القادمة أسماء بعض الآلهة تتكون من اكثر من مقطع وهذا يدل إما على تطور الإله الأصلي إلي عدة شخصيات وإما على اندماج بعض الآلهة إلي في صورة إله أعظم
أسطورة قرص الشمس المجنح:
نرى في هذه الأسطورة "رع حور آختي" كملك دنيوي لم يشر إليه كقرص الشمس في هذه الأسطورة ،وهو ملك مصر ،كما نراه على رأس جيشه في النوبة يتصدى لمؤامرة ضده لم يوضح أفرادها بل اعتبروا بعض الأرواح الشريرة أو المعبودات الأقل شأنا.
ويبحر "رع حور آختي" بسفينة في النيل ويرسي أمام مدينة إدفو ويوكل ابنه "حورس" – ونجد هنا حورس يعتبر ابن إله الشمس وليس ابن اوزوريس - لقتال الأعداء ،ثم نرى حورس في السماء على شكل قرص الشمس المجنح مهاجماً الأعداء من عل فأضطر الأعداء إلي الهرب ،فيقترح الإله تحوت منح حورس لقب الإله حورس بحدتي (حورس الإدفوي) وينزل "رع حور آختي" مع الإلهة الآسيوية "عشتارت" ليتفقدوا أرض المعركة ولكن يظهر أن المعركة لم تنته بعد ،حيث نزل الأعداء إلي الماء في شكل تماسيح وأفراس نهر مهاجمين السفينة ،ولكن حورس واتباعه استطاعوا القضاء على معظمهم بالحراب ثم يتقمص حورس شكل قرص الشمس المجنح وعلى جانبيه الإلهتان "نخبت" و "وادجت" مستمرين في تعقب الأعداء ويوقع بهم هزيمة.
و في هذا الجزء من الأسطورة يظهر تأثير مذهب اوزوريس حيث يظهر حورس في شكل حورس ابن ايزيس واوزوريس وهذا لا يعني أن حورس البحدتي أو الإدفوي وحورس ابن ايزيس و اوزريس إلهان مختلفان بل هما إله واحد تعددت صوره وتعددت طرق تمثيله ويظهر في هذا الجزء من الأسطورة الإله سث - عدو حورس واوزوريس - على رأس الأعداء في شكل ثعبان فيتأجج القتال مرة أخرى بالمقاطعة ال52 بمصر السفلى ويحقق حورس النصر وينحدر حورس وابنائه إلي النوبة ليسحق تمرد آخر.
ويكافئ "رع حور أختي" حورس بأن يظهر في المعابد على شكل قرص الشمس المجنح لكي يحفظ المعابد من الأعداء.
ويتضح من هذه الأسطورة تفسير وجود تصورين (تمثيلان) لحورس مرة بالصقر (حورس ابن ايزيس واوزوريس) ومرة كقرص الشمس المجنح (حورس البحدتي أو الإدفوي).أسطورة دمار البشر:
هذه الأسطورة تحدث في زمن الآلهة الذي ذكرناه حيث كان الآلهة والملوك يعيشون سوياً على الأرض. أما زمن وقوعها هو عندما كان رع يحكم مصر ،حيث بدأ رع يشيخ مما جعل البشر يتآمرون حوله ولكنه أدرك ما في نيتهم فدعا الآلهة للمشاورة حول هذه الأمر ،واتفقت الآلهة على أن يرسل رع عينه (التي هي الشمس في مظهر الألهة حتحور) لكي تسحق المتآمرين.
وقد أظهرت قدرتها وشدتها على المتآمرون فلقبت بـ "سمت" أي القوية ثم عادت مرة أخرى مصممة على القضاء عليهم لكن رع أشفق على البشر فأرسل رسله إلي جزيرة "الفنتين" لإحضار قدر كبير من فاكهة حمراء تسمى "دي دي" وأمر رع بتحضير سبعة آلاف إبريق من الجعة مزجت بالفاكهة حتى تظهر الجعة كأنها دماً. وفي اليوم الذي ذهبت فيه حتحور لتدمير البشر أمر رع بصب الخمر في الحقول وعندما قدمت الإله وعبت منها أصبحت ثملة تماماً مما جعلها تنسى مهمتها بفضل رع. وعلى الرغم مما فعله رع للبشر لم يكف بعضهم عن فعل الآثام فضاق صدره بآثامهم فذهب إلي السماء ممتطياً ظهر البقرة السماوية تاركاً الإله تحوت ممثلا عنه على الإرض.