عند باب المدينة القديمة
عند باب المدينة القديمة اختارت لنفسها مكانا.......
على ركبتيها طفل الربيعين أو الثلاث..
يراقب حركات أمه:
من فمه إلى الخبز لتحمله وتغرقه في قهوة سوداء
ملطخة بغبار المارين وغازات عصرهم المعتوه.
اختارت باب المدينة ليكون مأواها
ومنبع رزقها.......
باب المدينة العتيقة سجل بالأمس تاريخا تليدا
واليوم يسجل ذكريات أو تاريخ امرأة وطفل الربيعين أو الثلاث
ويسجل قصة الخبز الأبيض المغرق في القهوة السوداء ليملأ به أحشاء طفل الربيعين أو الثلاث...
*********
تستمر يداها في حركتهما: بين فمه والخبز والقهوة ......
تغرقه السمَ في السمِ...
وتقدمه للطفل؟؟؟؟؟؟؟؟
ليشب طفل الربيعين أو الثلاث فيجد بأحشائه سما متراكما فيبحث في نفسه ....
في صفحات قلبه ...
في ذاكرته......
في تاريخه..........
فلا يجد سوى سما ....ثم سما..
ولا يجد أمامه من سبيل سوى أن يحمل سمه فيسقيه لهؤلاء المارين بالمدينة العتيقة..
الذين خنقوا خبزه الأبيض بالقهوة السوداء ...
وبغبار أرجلهم
وغازات عصرهم المعتوه........
يسقيهم السم ضاحكا....
منتقما لقبلبه المغصوبة براءته
ولأمرأة سألت المارين بيد
وأطعمت طفلها بيد...
********
طفل الربيعين أو الثلاث كان يمسك بثوبها بل خرقة على كتفيها
خائفا من أن يسقط من على ركبتيها كما سقط من رحم
كـــــــــان بــه مرحـــــــومــا
*****
كان يمسك بشدة على خرقة حال لونها
كما حال لون قلبها المكلوم من كثرة السؤال .. والغبار ..... والبكاء..
*******
أجل عند باب المدينة العتيقة
سٌجلت قصة خبز أبيض مغرقة في قهوة سوداء
لتحشى به بطن طفل الربيعين أو الثلاث
فيشب الطفل ويشب معه البياض والسواد...
فلمن الغلبة غدا؟؟؟
لبياض ملطخ بغبار أرجل أهل المدينة العتيقة
وغازات آلا تهم التي تسير دون هوادة
وبدموع امرأة تحفر ملامحها في ذاكرته دون إشفاق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أم لسواد أعتم أحشاءه قبل ذاكرته...؟؟؟؟
********
يتأمل الطفل ذو الربيعين أو الثلاث
العالم المتحرك أمامه ...
لا يفهم ما يجري...
فيعاود الإمساك بالخرقة الباهتة اللون
الملقاة على كتف أمه خوفا من أن يسقط من على ركبيتها كما سقط من رحم
كـــــــــــان بـه مرحــــــــومـــا
..............