b]الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلــه وصحبه أمـــا بعد :
تكلمنا في مساهمة سابقة عن واقع الأمـــة المرير الذي آلت إليه حتى أصبحت محل أطماع أعدائها ، أمـــــــــا
اليوم فنحاول أن نبين ـ كما وعدناكم ـ سبيل الخلاص من هذا الواقع الأليم حتى تعيد الأمــة عزَّها ومجدها .
ومن المعلوم أنَّ الله تعالى قد منَّ على أمـــة الإسلام وفضلها بأن جعل فيها آخر الأديان وآخر الكتب السمـاوية
المنزلة وبعث منهم آخر الأنبياء والرسل إلى الثقلين إنسهم وجنَّهم عربهم وعجمهم .
ولــما كان القرآن آخر الكتب السماوية فإنَّ الله جعله مهيمنا على كل شيء ومبينا لكل شيء تحتاجه الأمـــة في
يسرها وعسرها ،قال الله تعالى (( ما فرطنا في الكتاب شيء )) ، فكان لزاما علينا أن نعود إلى كتاب ربنا وسنة نبينا ونبحث عن سبيل النهوض بهذه الأمـــــة .
يقول الله تعالى مبينا هذا السبيل : (( وعد الله الذين ءامنوا وعملو الصالحات ليستخلفنـَّهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ... )) ، ويقول الله تعالى : (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم )) .
فهذه الآيات الكريمة بينت سبيل التمكين لهذه الأمـــة وهو الإيمان الذي هو العلم النافع والعمــل الصالح وهــو
طاعة الله والتزام أمره وعدم الخروج على تعاليم شرعه ، والعلم النافع والعمل الصالح هما معنى نصر الله الذي
إشترطه الله تعالى وذلك في قوله : (( إن تنصروا الله )) حتى يتحقق الوعد وذلك في قوله : (( ينصركم )) ، وبغير
هذا فلن تقوم للأمــة قائمة .
هذا من القرآن أما من السنة ففي الحديث الصحيح الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم : (( إذا تبايعتــــــم
بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله سلَّط الله عليكم ذُلاٍّ لا ينـــــــــــــــزعـه
عنكم حتى تــــــــرجعـــــــــــــــــــــــــــــــــــوا إلى دينكم )) ، إذن :
سبيل النهوض بالأمـــة وخروجها مما هي عليه من الذل والهوان هو الرجوع إلى تعاليم الشرع والتمسُّك بالسنة
النبوية الصحيحة .
ولكن هناك مشكلة أخرى عويصة جــدا جــدا وهي أنَّ الإسلام اليوم قد تعدَّدت فيه المفاهيم وأهله منقسمون على أنفسهم فبأي مفهوم للإسلام تقوم الأمــة وتسترجع سيادتها هل الإسلام كما يفهمه المعتزلـــة أو كما يفهمه الخوارج أو كما يفهمه المرجئة أو كما يفهمه كل حزب من الأحزاب القائمة الآن وغيرهم كثير من الطوائف والفرق والأحزاب والجماعات .
هــــــــــــــــــــذا ما سنعرفه إن شاء الله في المساهمة القادمة والتي هي بعنوان : المفهوم الصحيح للإسلام الذي تقوم به الأمــة