مع انني لم أرى الخالق تبارك وتعالى ، إلا انني أؤمن به ، ولا مفر من الإيمان به ، لأنني أرى مظاهر وجوده في نفسي وفي كل مكان من حولي ، وقد تفضل بأن بعث للناس في كل أمة رسولاً منهم ، يخبرهم عن ذاته المباركة وصفاته ، ومقاصده فيهم..
إننا نعلم كيف تُعلن الجاذبية عن وجودها ، ولقد توصلنا إلى اكتشاف القوانين التي تحكم سريانها ، لكن أعظم العلماء لا يمكنهم أن يعرفوا ماهية الجاذبية ، فلماذا إذاً نؤمن بوجودها؟ لأننا نرى مظاهر وجودها في كل مكان .. وقس على ذلك أمور أخرى كثيرة كالكهرباء والموجة اللاسلكية والأكترون والروح ..
ان عدم رؤية الشيء ليس دليلاً على عدم وجوده .. بل أصبح الان من حقائق العلم أننا لا نرى كل ما يحيط بنا ، وهناك ما يقع فى مجالنا البصرى و لكن لا نستطيع رؤيته.
ولقد تخلص العقل البشرى حاليا من إنكار وجود كل ما لا يراه ، وأصبح الإنسان يؤمن بأن الوجود ومستوياته أكبر من كل ما يسمع وما يرى وما يحس.
حدث في إحدى المدارس أن قام أحد الاساتذه الملاحدة مخاطبا الطلاب قائلا : أيها الطلاب هذا الكرسي موجود لأننا نراه إذا الله غير موجود لأننا لا نراه .. فقال له احد الطلاب :
يا أستاذ هل أنت عاقل ؟ قال الاستاذ نعم. قال هل رأيت عقلك؟ قال لا. قال كيف تزعم أنك عاقل؟ { فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [ البقرة : 258 ]
ان الواحد منا يعرف طوله وعرضه ووزنه ومواصفاته .. لكن ماذا عن ذاته .. نفسه .. روحه ... لا يعرف عنها شيئاً. إنها غيب.. ومع ذلك هي أكثر واقعية من أي واقع ، وإذا كان الواحد منا لا يعرف ذاته فكيف يدعي المعرفة بذات الله؟ ومن باب أولى كيف ينفيها؟
ولنستمع إلى ألبرت أنشتاين ، عندما ذهب إليه جماعة من اللاهوتيين والأخلاقيين والماديين إلى مكتبه في معهد الدراسات العليا في جامعة برنستون وسألوه : ما رأيك في الله ؟!
فأجاب :
لو وفقت أن أخترع آله تمكنني من مخاطبة الميكروبات، فتحدثت مع مكروب صغير واقف على رأس شعرة من شعرات رأس إنسان، وسألته : أين تجد نفسك ؟ لقال لي : إني أرى نفسي على رأس شجرة شاهقة. عندئذِ أقول له : إن هذه الشعرة التي أنت على رأسها إنما هي شعرة من شعرات رأس الإنسان، وأن رأس الإنسان ما هو إلا عضو من أعضاء كثيرة في الإنسان.
ماذا تنظرون ؟ هل لهذا المكروب المتناهي في الصغر أن يتصور جسامة حجم الإنسان ووزنه ؟ كلا ، إني بالنسبة إلى الله لأقل من ذلك المكروب وأحط بمقدار لا يتناهى ، فأنى لي أن أحيط بالله الذي أحاط بكل شىء ؟! [ نقلا من كتاب للكون إله - بتصرف ]
ان البصر الضعيف ، لا يستطيع أن يحيط برؤية النجوم ، وهي : ( زينة السماء الدنيا ) فكيف يستطيع أن يحيط بالذي خلقهم . وإذا كان بصر الإنسان في هذه الدنيا لا يحتمل النظر إلى الشمس مباشرةً ، فكيف يتحمل النظر إلى نور الله جل وعلا ؟!
ولذلك لما قال موسى لله سبحانه وتعالى : { رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي .. } فاعلمه أن الجبل مع قوته وصلابته لا يثبت للتجلي في هذه الدار ، فكيف بالبشر الذي خلق من ضعف ؟!! { فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ } [ الاعراف : 143 ]
ولو تجلى الله على عباده في الدنيا ، لأسرهم ذلك التجلي، وما كانت الدنيا عندئذ تصلح دار ابتلاء، لأن الإيمان عندئذ يكون إجبارياً ولا معنى بعد للاختبار أو الامتحان.
ولقد كشف الخالق القدوس من خلال المخلوقات التى خلقها أسرار كثيرة تعكس صفاته المقدسة فهو خالق العقل والعقلاء ومهندس الأرض والسماء ...
وفي هذا الصفحة المتواضعة يسعدني أن أقدم لك - أخي القارىء - بعض من الأدلة العقلية والعلمية الناطقة بأن للكون خالق مدبر ، أكتبها لعلها تفتحُ للذهن الغافل منافذ يبصر بها ويلتفت لما وراءها .. ودعائي لله أن تكون هذه الصفحة سبب معرفة وهداية للكثيرين..آمين ثم آمين ............................................