اللغة العربيّة تشكو
|
على لسان شاعر النيل: حافظ إبراهيم
|
المتوفَى سنة 1352هـ
|
|
المناسبـة:
|
لقيت اللغة العربية حرباً في مطلع هذا القرن شنّها أعداء العروبة والإسلام فزعموا أنها لغة ناقصة. لا تصلح لعصر الحضارة، ودعَوْا إلى اتخاذ اللغات العامية، في كل قطر عريي لغة للقراءة والكتابة وتعاونت على الترويج لهذا العبث، أقلام مأجورة، ولكنّ أعيانَ الأدب في العالم العربي، قَدْ قَاوَمُوا هذه الفتنة، ومن بينهم حافظ إبراهيم الذي نظم قصيدة قوية قال فيها على لسان اللّغة العربية:-
|
|
النـص:
|
|
رَجَعتُ لِنَفسي فاتـهمْتُّ حَصَاتِي
|
ونَادَيْتُ قوي فاحتسبْتُ حياتِي
|
|
|
رَموْنِي بُعقْمٍ في الـشّـبابِ ولَيْتني
|
عَقُمتُ فلم أَخزَعْ لِقَوْلِ عِداتي
|
|
|
وَسِعْتُ كـتَاب الله لَفْـظاً وَغَايَةً
|
وَمَا ضِقْتُ عَن آيٍ بِه وعِظاِت
|
|
|
فكيف أضيق الْيَوْمَ عَن وصفِ آلةٍ
|
وتَنسـِيقِ أســماءٍ لمُخْترعَاتِ
|
|
|
أنا البَحْرُ في أحشـائِه الدرُّ كَامِنٌ
|
فَهَلْ سَاءلُوا الغوّاص عَن صَدفاتي
|
|
|
أيُطربكم مِنْ جَانِب الغَرْب نَاعبٌ
|
يُنَادِي بِـوَأدِي فِي رَبيعَ حَيَاتِي
|
|
|
سَقَى اللهُ في بطْنِ الـجزيرة أعْظُماً
|
يَعزّ عليـــها أنْ تَلينَ قَنَاتي
|
|
|
حَفِظنَ ودَادِي في البلىَ وَحفـظته
|
لهنّ بِقَلْبٍ دَائمِ الحَسَــرَاتِ
|
|
|
أَرىَ كلّ يومٍ بالجرائِـــدِ مَزْلَقاً
|
إلى القبر يدنيـــني بغير اَناةِ
|
|
|
وأسمعُ للـكتـّابِ في مِصرَ ضَجّةً
|
فأعْلُمُ أنّ الصّائحــين نُعَاتِي
|
|
|
أَيهْجرنِي قـومي - عَفَا اللهُ عَنْهُم-
|
إلى لُغـةٍ لَمْ تتّـصلْ بـرواةِ
|
|
|
سَرتْ لُوثَةُ الإفْرنْجِ فيها كَما سَرَى
|
لُعَابُ الأفَاعِي في مَسيلِ فُراتِ
|
|
|
فجاءتْ كثوْبٍ ضمّ سـبعينَ رُقعَةً
|
مُشــكِّلةَ الألْوانِ مختلـفاتِ
|
|
|
إلىَ مَعْشَر الكتّابِ والجـمعُ حَافلٌ
|
بَسَطْتُ رَجَائِي بَعْد بَسْط شَكَاتي
|
|
|
فإمّا حياةٌ تَبْعـثُ الميْـتَ في البلى
|
وَتُنْبِتُ في تلك الرُّمـوسِ رُفاتِي
|
|
|
وإمّا مَـمـَاتٌ لا قيـَامةَ بَـعْده
|
مَمَاتُ لعَمْريِ لَمْ يُقَـسْ بمماتٍ
|
|
|
التعريف بالشاعـر:
|
هو شاعر النيل محمد حافظ إبراهيم، وُلد في مصر، وتعلم بالمدارس الابتدائية، والتحق بالمدرسة الحربية، ثم تخرج مُلازماً، وسافر إلى السودان، فرأى من فظائع الإنجليز ما حمله على مقاومتهم، فقُدم للمحاكمة وأحيل للاستيداع، ورجع لمصر ينشر شعره الوطني، في ذم الاحتلال، حتى سار له ذكرٌ بين المجاهدين، ثم عين في دار الكتب المصرية، رئيساً للقسم الأدبي |