المهـــــدي بــــــن بر كـــــــــــة
أهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركة معنا و تتمتع بجميع المزايا لمشاهدة الروابط و المواضيع و تصبح أحد أفراد منتدى التعليم الثانوي لولاية المسيلة . هذه الرسالة لن تظهر بعد التسجيل أو تقوم بتسجيل الدخول الان
المهـــــدي بــــــن بر كـــــــــــة
أهلا بك عزيزي الزائر , يجب عليك التسجيل لتتمكن من المشاركة معنا و تتمتع بجميع المزايا لمشاهدة الروابط و المواضيع و تصبح أحد أفراد منتدى التعليم الثانوي لولاية المسيلة . هذه الرسالة لن تظهر بعد التسجيل أو تقوم بتسجيل الدخول الان
المهـــــدي بــــــن بر كـــــــــــة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شقراء في موطن الذئـــــــــاب ..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أميرة الحب
عضو مبتدئ
عضو مبتدئ
أميرة الحب


عدد نقاط م.ر : 0
عدد الرسائل : 108
العمر : 41
السٌّمعَة : -1
نقاط : 54
تاريخ التسجيل : 01/12/2008

عدد دعوة الاعضاء
مجموع عدد الاعضاء: 0

شقراء في موطن الذئـــــــــاب .. Empty
مُساهمةموضوع: شقراء في موطن الذئـــــــــاب ..   شقراء في موطن الذئـــــــــاب .. Emptyالإثنين ديسمبر 01, 2008 6:22 pm

أرخى المغيبُ و أوْشك أن يسدلَ السّتار على سُفوح الجبل المتشعِّبةَ أعشابُها و المنقبضةََ أزهارُها ، المشرفة على مزرعة السيد الإقطاعي صاحبِ النعمةِ و النقمة . هبّت نفحاتُ المساء الباردةِ محمّلة بقطراتِ الندى . اِخترق السّكونُ الموحش أجواءَ القريةِ ليوقفَ سمفونية الطنين و التغريد ، فسُمِعَ للأطيار رفرفةٌ و هي تقصدُ الأوكارَ لتنعم بدفءِ الصّغار ، و للشياه ثغاءٌ و هي تلـُـمّ خِرافها تحسّبا لقدوم زائر غدّار .. و هناك على رأس القمّة العلياء ، جلس الذئب القرفصاء و أطلق العنان للعواء . يجول بنظراته حول سفح قد سمُن قطيعه ، و تارة حول مزرعة تراقصتْ سنابلها و غصّتْ جوانبها بأشجار الأيك المرصوص ، فتنتصب أذناه عند سماع نباح كلاب رابضَة عند خيمة قشّ نُصبَتْ أمام بيتٍ فخم يعود للسيِّـــــــــــــــــد .





على تلك السفوح ، بقرة حَلوب تموءُ شاخصة بنظرها نحو الإسطبل حيث تربض عجلتها .. شياهٌ تنكبّ على التهام الكلإ النديّ استعداداً للعودة إلى المربض .. خراف تنعمُ بالأمن و الأمان تتبادل النطحات في سلام و اطمئنان .. طفلة شقراءٌ تنيِّف على العقد و النصف ، قد تهدّل شعرُها الذهبيّ و تراقصتْ بخصلاته النفحات ، تلفّ جسدها الممشوق بثوب رقيق .. ذات وجهٍ مستدير ذو بشرة بيضاءَ مشربة بالحمرة ، تتخللُه عينان خضراوتان غائرتان .
في انتظار الغسق تقف الشقراء مستندةً على عصاها وسط القطيع المتناثر هنا و هناك ، وقفة ينتابها الترقب و الخوف ، ليس من الذئاب اللاحمة أو الأشباح الهائمة ، بل من أقرب الناس إلى القلب .. من الوالد المتسلط الذي يبرحها ضربا في الخيمة كلما رفضت الخروج إلى المرعى لرعي الأغنام ، و من ابن السيد العازب الوسيم الذي يباغثها هناك كل حين ليتحرش بها . ثمة في الفؤاد أنينٌ مفعمٌ باليأس يدحَرُ أحلامها النرجسية المبدّدة .. حنينٌ يتشوق للسعادة المفقودة و الصّبا الغارب الذي نحت بذبلاته البؤسَ على محيّاها .. وحدةٌ تمزق أحشاءها و لن تجد غير طيفها المتلاشي لتشكو له معاناتها في مزرعةِ الأغنياء فتخاطبُه كل مساء : أعودُ للخيمة عندَ الغسق فأجدها عتمة تفزعني و عصاً بين أضلاعي تألمني . و أقودُ قطيع السيد عند مطلع الفجر نحو المراعي فأجدها ميدانا لذئب يستغل وحدتي و معاناتي غير آبهٍ لدمعاتي .. يا له من سوء حظّ ألاقيه عند مستهلِّ أيّامي ! فراقُ الأمِّ التي احتضنتْ روحَها السماء .. جهالة الوالد التي يُدمي مخبطها أضلاعي كل صبيحة و مساء .. تحرش ابن السيدِ بي كلما غاب الوالد عن الخباء . طفولتي بين مطرقة و سِنداب .. قد أرفض الرّعي فأنال من الوالد أشدّ العقاب ، و قد يتقاتل الوالد و ابن السيد لو برّرت رفضي و بُحتُ بتحرّشه بي ، فيلحقنا - أنا و أبي - من وراءِ ذلك الطرد و التشرد . كنت أخال تحرشه دعابة لا تلبث أن تمرَّ مرور سحابةِ صيف عابرة ، لكنه تحوَّل منذ صبيحة اليوم من كائن بشري إلى ذئب همجيّ .. همجيته لن تفارق الذهن أبدا ، و شبحه لا زال يرعبني و هو يهاجمني في المرعى .. يُقبِّل شفتاي لأول مرة عنوةً و بالقوة .. و أنا عاجزة عن دحره أذرف الدّمعات .. أتجمَّع حول ذاتي كحمل صغير أفزعته الذئاب .. متضرعة إلى الله أن لا يطمحَ في أمر يتعدى التقبيل .


أيّ سيد هذا و أي والد ذاك ؟ أيحسب هذان أنفسهما آدميين ينتميان لآدم و حواء ؟ أيجد الجراح أثراً لقلوبهما لو شرَّحهما من أجل استأصال داء ؟ و أيّ داءٍ ذاك أخبثُ من الذي يُعانيان به و هما لا يشعران ؟ هما ليسا بحاجة إلى جراح يستأصل الورمَ من الأجساد و يفشل في تحدِّي القبْح من الفؤاد .. بل بحاجة إلى ضمير يذرف الدمعة من أجل بريئة تعاني الويلَ و السهاد ، و تقرر منذ اليومَ التضحيةَ و العِناد .
بعد طلوع فجر يوم الغد ، يخرج ابن السيد كعادته كل يوم لممارسة الرياضة . يتزامن خروجه مع صراع عنيفٍ قائم بين الشقراء و والدها .. يقف أمام الخيمة مستنداً على سيارته الرباعية الدفع ، ليُعاين الفتاةَ فريسة بين مخالب أبيها يُذيقها أصنافَ العذاب . كريشةٍ تعبث بها ريحُ الفجر النفوح اللاسعة ، يهزها - أبوها - من كتفيها النحيلتين ليلقي بها ثانية على البسيطة ساخطا مزمجراً . أيقنتْ حينها أنها تتدحرج بين يديه نحو موتٍ محقق ، قبل أن يسألها من جديدٍ عن عنادها المفاجئ ، و قد تطاير رذاذ بصاقه ليلتصق بشاربه الشائك الكث . تُهمهمُ الفتاة بصوتٍ مُبهمٍ يخنقه البكاء .. تغوص همهمتها في ملوحة العَبراتِ اللزجة .. تمسحُ بطرف كمِّها لعاباً يمتزج بالدّماء .. تحدِّق بعينيها الدامعتين إلى ابن السيد تارة ، و أخرى إلى نظرات أبيها الغاضبة الشرسَة ، لعلها تجد بين ومضاتها ذرة عطفٍ تمكنها منْ جمع شتاتِ نفسها و من البوح بما يخالجها . لكن شبحَ التشرّد يداهمها من جديدٍ لتلجأ إلى الصمتِ و الاستسلامِ مرة أخرى ، و ليثيرَ الغضبَ في قلب الوالد أكثر و أكثر.

وهو يهمّ لمعاقبتها بقسوة أكثرَ من ذي قبل ، يقترب ابن السيد ليتدخل بنبرة لم يعهداها في السابق : كفاك عنفاً و إساءة أيها الرجل ! ابنتك كانت و لا زالت دمية في قبضة العواصف تتقاذفها كيف تشاء ، و قلباً نهشه العنف من كلّ جانب ، أنا ، أنت ، و الظروف القاسيّة .. ابنتك أعلنتِ العنادَ فقط لتقي نفسها من تحرشاتي الدّنيئة .. تحملتِ العقابَ فقط لتجنبني و إيّاك حرباً لا يحمد عقباها .. فمعذرة إن أسأتُ إليكما بتصرفي الوضيع .. حقا أحببت ابنتك منذ النظرة الأولى ، لكني ظننتها ساذجة سهلة المنال ، بل لم أكن أتوقع أنها تحملُ بين جنبيها قلبا يهفو إلى التضحية من أجل شرفها و سمعة أبيها .. حقيقة أكتشفها منذ اللحظة فقط ، و على إثرها أطلب منك يديها الكريمتين لتكون شريكة حياتي على سنة الله و رسوله .
حينها يرفع الوالد ذراعيه و يطوق ابنته نادما على فعلته .. يضحكُ ملء شدقيه ، و تتلفت الشقراء حولها في حيرة .. تتساءل بعذوبة : أتحصل مثل هذه السعادة . في موطِن الذئـــــــــــــاب ..؟ و هي تخطو خطواتها نحو مربض القطيع ، تفوح منها ابتسامة فلاحيّة خجولة .. لأول مرة تشعر بأن ليلها سينجلي بإشراقة شمسِ صبح جديد ، و بأن حظها الذي سينتشلها و أباها من مستنقع الفقر الآسن ، لم يعد يفصلها عنه سوى وفاء بعهد .
و تبقى حقوق الطفل و عدم تعرضه للإساءة و العنف شعارات طنانة تتغنى بها الأنظمة و الإذاعات .. و طعم تُنشأ من وراءه الجمعيات الحقوقية التي ملأتْ مكاتبها الدور و العمارات ، لا لشيء ، إلاّ رغبة في مقاصد مادية و سياسية .. و يبقى القلمُ و القرطاسُ وحدهما فقط على الوفاء ، يصارعان كلّ آفةٍ خطيرة في حلبةٍ يصفق لها الجهلُ و التعصب و القمع باستهزاء ....
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شقراء في موطن الذئـــــــــاب ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المهـــــدي بــــــن بر كـــــــــــة :: منتديات التكنولوجيا :: الاقسام الاسرية :: نصائح وتجارب وحلول منزلية-
انتقل الى: