السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إنّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ،
وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله .
أما بعد .. فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى نبينا محمد وشر الأمور محدثاتها ،
وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-*-
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة
المنتقى شرح موطأ مالك
( ش ) : قوله صلى الله عليه وسلم فقد أدرك الصلاة لا يجوز أن يريد أنه قد أدرك جميعها بالفعل وإنما المراد أنه أدرك حكمها مثل أن يدرك ركعة من صلاة الإمام فيكون مدركا لصلاة الجماعة وإن صلى من صلاته ركعة في الوقت فيكون مدركا لوقتها وإن صلى بعض صلاته بعد وقتها وليس ذلك أن فضيلة الإدراكين واحدة لأن من أدرك الصلاة من أولها إلى آخرها أتم فضيلة من الذي أدرك الإمام قبل أن يرفع رأسه من آخر ركعة منها وكذلك من صلى جميع صلاته في وقتها أتم فضيلة ممن أدرك ركعة منها في وقتها إلا أنهما اتفقا في حكم الأداء والجماعة فإذا ثبت ذلك فإن الإدراك في الوقت والجماعة يختلف فلا يكون مدركا للركعة في الوقت إلا أن يدرك منها مقدار ما يكبر فيه للإحرام ويقرأ بعد ذلك بأم القرآن ثم يركع فيطمئن راكعا ثم يرفع رأسه فيطمئن قائما ثم يسجد فيطمئن ساجدا ثم يجلس فيطمئن جالسا ثم يسجد فيطمئن ساجدا ثم يقوم فهذا أقل ما يكون به مدركا لحكم الوقت حكاه القاضي أبو محمد عبد الوهاب وأما إدراكه صلاة الإمام فهو أن يكبر لإحرامه قائما ثم يمكن يديه من ركبتيه راكعا قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع قاله ابن القاسم عن مالك لأن الإمام يحمل عنه القراءة والقيام لها ولا يحمل عنه تكبيرة الإحرام ولا القيام بسببها على ما قاله ابن المواز لأن الإحرام عقد الصلاة وموضع النية فلا بد له من الإتيان بما لا يحمله عنه الإمام قبل رفع رأسه من الركوع الذي هو تمام ركوعها يبين ذلك أنه لا خلاف أن للمأموم الدخول مع الإمام ما لم يرفع والاعتداد بما يعمله معه من الصلاة وأنه لا يعتد بما يعمله معه إذا دخل في الصلاة بعد الركوع فوجب أن يكون ذلك آخر عمل الركوع ولذلك جاز للمأموم إذا أدرك الإمام راكعا وخاف أن يرفع رأسه من ركوعه قبل أن يدرك هو الصف أن يدخل في الصلاة ويركع ويدب بعد ذلك حتى يصل إلى الصف فثبت أن إدراك الإمام يحصل بما يخاف أن يفوت به وهو رفع الرأس من الركوع